• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله: الأثر والعبر (خطبة)

وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله<br>الأثر والعبر (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 26/9/2025 ميلادي - 4/4/1447 هجري

الزيارات: 689

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله

الأثر والعبر


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي كتب على عباده الموت، وجعل البقاء له وحده، فلا يغتر قوي بقوته، ولا غني بماله، ولا سلطان بسلطانه ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾.[1]


أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى، قال جل شأنه: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ﴾[2]

 

أيها الإخوة:

الموت باب وكل الناس داخله، هو الحقيقة الكبرى التي لا ريب فيها، يطرق أبواب الملوك والفقراء، والعلماء والعوام، ويهجم على الشيوخ والشباب، فلا يُبقي لمغترّ غروره، ولا لمتكبر كبرياءه. بالموت تنكشف الغفلة، وتبطل الأماني، وتظهر حقيقة الدنيا، فإذا بالأعمار ظل زائل، والأحلام سراب ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان ٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.[3]

 

هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ متى **حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ[4]


الموت مهيب، الموت مصيبة ﴿فأصابتكم مصيبة الموت﴾[5] لا يسلى عن ذكره وتذكره مؤمنٌ عاقلٌ، فيعيش كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "كأنه غريب أو عابر سبيل".[6]

 

ويمتثل قول ابن عمر رضي الله عنهما: "إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".[7]

 

الدنيا دار فناء، ومتاع غرور، تأتي على الأحباب في أوج محبتهم وذروة تواصلهم فتفرق بينهم، فتنهار الروح أسفا، والقلب مجروح، حتى يكاد الجسم يقع من هول الخبر وضغطة الحزن، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت.

 

فلوعة الفراق هي أصعب ما يجثو على قلب الإنسان إذا فقد عزيزا، إنها تصور الحياة بدون رؤيته ومجالسته والحديث معه.

 

وفي غمرة هذا كله يرقّق الحدثَ تذكرُ ما هو أعظمُ منه، فقد ورد في الصحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال ﷺ: "إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي؛ فإنها أعظم المصائب"، بموته ﷺ وانقطاع الوحي وأثر ذلك على أمته.[8]

 

وها هي دورة الفلك استدارت، وفي تقلب الليل والنهار عبرة وفي نهايات الصالحين مُدَّكرا وحث على العمل لحسن الختام.

 

أيها الإخوة:

وإن من أشدّ ما يُفجع به المسلمون أن يُفجعوا بفقد علمائهم العاملين، وحملتهم الصادقين، فإن موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدّها شيء.

 

قال النبي ﷺ: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء"[9]، فإذا مات العالم، انطفأ نور، وطُويت صفحة من صفحات الخير، وغاب صوت كان يذكّر الناس بربهم، ويهديهم سواء السبيل.

 

وقد ابتُليت الأمة في هذه الأيام بفقد عالم جليل، ومربٍ رحيم، سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، رحمه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية سابقاً، العالم الرباني والخطيب الواعظ، والمجتهد الورع.

وكانت في حياتك لي عظات** فأنت اليوم أوعظ منك حيا[10]


وبعد وفاة هذا العالم الجليل يلفت في سيرته عظات مؤثرة، مع علمه ورسوخ فتاواه وجده واجتهاده، كان – رحمه الله – امتدادًا صادقًا لأئمة الدعوة النجدية الذين سار عليها آباؤنا وأجدادنا رحمهم الله، غرسوا في القلوب عقيدةَ السلف الصافية، وربَّوا الأجيال على التوحيد والاتباع، فكانوا حُماة الدين وأمناء الميراث النبوي.

 

وقد ورث الشيخ عنهم تلك العقيدة النقية على منهج أهل السنة والجماعة كما جاء في الكتاب والسنة، وما كان ثباته على هذا المنهج إلا سببًا في أن يناله نصيبه من عداوة الرافضة وأهل البدع والأهواء، فهم لا يحتملون الدعوة للإسلام والصدع بالتوحيد، ولا يطيقون من يُعرّي باطلهم بالحجة والبرهان.

 

لكن تلك العداوة في ميزان الحق ليست إلا شهادة على صواب المنهج وصدق المسير، فإن أهل الباطل لا يجتمعون إلا على عداوة الحق وأهله، وقد قال الله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾[11]، فكيف بورثة الأنبياء من العلماء؟!

 

وهكذا تبقى بركة دعوة التوحيد حيّةً لا تموت، تُثمر في كل جيل علماء ربانيين يواصلون المسير، وتبقى وصية الشيخ رحمه الله وأمثاله للأمة: أن يحفظ العلم، وأن تُعلى كلمة التوحيد، وأن يدرك أن العلماء ليسوا مجرد أفراد يرحلون، بل هم ميراث النبوة الذي لا ينقطع ما بقي في الأمة من يحمل أمانته.

 

إن رحيله يذكّرنا بأن موت العلماء ليس انقطاعًا للنور، بل انتقالٌ له من يدٍ إلى يد، ومن قلبٍ إلى قلب. وإذا غاب واحد من أحفاد تلك المدرسة الإصلاحية الكبرى، بقيت بركتها تجري في عروق الأمة ما بقي فيها من يتعلّم ويُعلّم ويهتدي بأثرهم.

 

ومما يذكر في سيرته رحمه الله -عبرة وفضل ومنّة من الله له- إذ لبث خمساً وثلاثين سنة يخطب على صعيد عرفات، يذكّر الناس بالله، ويدعوهم إلى طاعته، فحصل بذلك نفع كثير وبركة كبيرة وهي مالم تذكر في تاريخ الخطباء على مر التاريخ.

 

ومن لمسات حياته التي تحدث عنها ابن أخيه الدكتور هشام آل الشيخ في كتابه "مُلح العلم" -وهي من دلائل فضل الله عليه- عظيم برّ والدته به، أنها حين رأته كُف بصره أحسنت تربيته، وأكثرت الدعاء له، وذات مرة لما كان صغيرا لم يتجاوز السابعة من عُمره، خرج مع أصحابه إلى الجامع الكبير وصعد المنبر وخطب، فأنزله أحد أعمامه من على المنبر وهو غاضب، وجاء به لأمّه، وقال لها: إنه كان يلعب على المنبر، فقالت له -وهي امرأة صالحة عابدة-:"أسأل الله العظيم أن يحييك حتى تصلي خلفه في الجامع الكبير" فكان كما قالت.

 

لقد غرست الأم الصالحة رحمها الله فيه حب العلم، ودفعته إلى حلق العلماء، فخرج من بين يديها عالماً راسخاً، يُفتى على بصيرة، ويقود أمةً بأسرها بالعلم والهدى.

 

فجزاها الله عن برّها خير الجزاء، وجعل لها في تربيته صدقة جارية ما بقي ذكره بين الناس.

 

وكان رحمه الله من النوادر في العفة وطهارة اللسان، ولقد رأيته كثيرا -رحمه الله- في مسجده ذاكراً متذللا خاشعا، لا يعرف الكبر إلى نفسه سبيلاً.

 

وقد خصّه الله بعملٍ جليل كما نُقل، إذ حجّ عن جماعة من الأئمة الأعلام الذين لم يُكتب لهم الحج؛ حجّ عن ابن عبد البر، وابن حزم، والمنذري، والنووي، وابن رجب وغيرهم رحمهم الله؛ وفاءً لهم، ومحبةً في العلم وأهله، وإحياءً لسيرتهم، رحمه الله رحمةً واسعة، فأضاف إلى علمه إحساناً، وإلى ورعه عبادة، وإلى مكانته وفاءً ووفاءً.

 

أيها الأحبة:

لقد مضى الشيخ إلى ربه، وترك لنا علماً نافعاً، وسيرة طاهرة، وأثراً باقياً في القلوب. عزاؤنا أن الله تعالى وعد بحفظ هذا الدين، وأن العلماء يرحلون بأجسادهم وتبقى آثارهم وأقوالهم ودروسهم حية، يهتدي بها الناس إلى يوم الدين.

 

فاتقوا الله عباد الله، واغتنموا أعماركم، واسعوا في حفظ ما خلّفه العلماء من علم وهدى.

 

اللهم اجزِ علماءنا عنا خير الجزاء، وبارك فيمن بقي منهم، وهيئ لهذه الأمة من يقوم بأمر دينها، ويذبّ عنها الفتن والشبهات.

أقول قولي هذا وأستغفر الله


الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله

أيها الإخوة:

الموت واعظٌ صامت، لا يُذكر إلا ويحرك قلبك، ويُبكي عينك، ويُشعرك بقصر الأمل وسرعة الرحيل. وفقدُ العلماء ليس كغيره من الفقد، فهو خسارة للأمة كلها، إذ هم مصابيح الهدى، وحماة الشريعة، ومفاتيح الخير.

 

لكن من رحمة الله أن أبقى لنا آثارهم، وورّثنا علومهم، وأبقى فينا من سار على دربهم من طلاب العلم.

 

وتذكّر -يا طالب العلم- وجود العلماء الأحياء بين يديك فرصة لا تُقدّر بثمن. اجلس بين أيديهم، اسألهم، تعلّم من سمتهم قبل علمهم، ومن أدبهم قبل فقههم. هم كنوز تمشي على الأرض، فإن غابوا؛ لم يُعوضك عنهم كتاب ولا تسجيل. فاستثمر في صحبتهم، واسعَ لنيل بركتهم، فذلك أعظم ما يُستثمر فيه العمر.

 

فلا تؤجل، فإن اللحظة التي تظنها مؤجلة، قد تكون الفرصة الأخيرة.

اللهم اجعلنا وذرياتنا من العلماء العاملين.

 

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.[12]

 

فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذِكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



[1] [آل عمران: 185].

[2] [آل عمران: 102].

[3] [الرحمن: 26-27].

[4] من شعر أبي العتاهية.

[5] [المائدة: 106].

[6] أصل الحديث: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، أخرجه البخاري (6416).

[7] هو تتمة للحديث السابق، وهو من كلام ابن عمر رضي الله عنهما.

[8] من خطبة موت الصالحين بتصرف https://bit.ly/4h0rYIh

[9] أخرجه البخاري (100)، ومسلم (2673).

[10] من شعر أبي العتاهية.

[11] [الفرقان: 31].

[12] [النحل: 90].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة